جيسوس.. تلويحة وداع بعد مجد المواسم الأولى

في كل نادٍ دخله، يخطف شغف المدرجات، يعتلي منصات التتويج سريعًا، لكنه يغادر غالبًا في النهاية، بسبب تراجع النتائج في الموسم الأخرى.
هذا هو البرتغالي جورجي جيسوس، مدرب فريق الهلال الأول لكرة القدم، الذي كشفت مصادر «الرياضية»، الخميس، عن إقالته، وتكليف محمد الشهلوب حتى التعاقد مع اسم عالمي لقيادة الدفة الفنية.
وُلد جورجي فرناندو بينهيرو دي جيسوس 24 يوليو 1954 في مدينة أمادورا البرتغالية، وبدأ حياته لاعب وسط في عدد من الأندية البرتغالية خلال السبعينيات والثمانينيات، لكنه لم يحقق شهرة كبيرة لاعبًا. وبعد الاعتزال، توجه إلى التدريب، وهناك كانت انطلاقته الحقيقية نحو الأضواء.
منذ تسعينيات القرن الماضي، تولّى تدريب عدة فرق برتغالية، لكن شهرته الأوسع جاءت لاحقًا مع أندية مثل بنفيكا، وسبورتينج لشبونة، وفلامنجو، وأخيرًا الهلال.
عندما عاد جيسوس إلى الهلال في صيف 2023، بعد تجربته الأول، التي لم تدم طويلًا عام 2018، واستمرت 180 يومًا فقط، كانت التوقعات مرتفعة، لكنه تجاوزها جميعًا، وفي موسمه الأول، قاد الفريق لتحقيق ثلاثية تاريخية، إذ فاز بلقب دوري روشن السعودي بعد موسم استثنائي أنهاه بـ96 نقطة، مسجلًا أكثر من 100 هدف، بفارق 14 نقطة عن أقرب مطارديه. وقاد الهلال للتتويج بكأس الملك بعد التغلب على النصر بركلات الترجيح، وأضاف كأس السوبر السعودي بانتصار كبير على الاتحاد 4ـ1، وفي ذروة الإنجاز، سجّل الهلال تحت قيادته رقمًا قياسيًا عالميًا بـ34 انتصارًا متتاليًا، دخل بها موسوعة جينيس للأرقام القياسية، ليبدو الفريق وكأنه لا يُقهر.
لكن كما في كل قصة بطولية هناك لحظة سقوط.. الأزرق العاصمي يدخل في دوامة من النتائج السلبية، وخسائر كبيرة أمام الاتحاد، والنصر، والأهلي، لكن اللحظة الحاسمة جاءت ضد الأخير في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة، الثلاثاء، بعد خسارة الهلال، وخروجه من البطولة، التي لطالما كانت هدفه الأول. الضغوط اشتدت، الجماهير انقسمت، وأصوات الانتقاد تعالت، ولم تشفع له البطولات، ولا الأرقام القياسية، لتأتي لحظة الوداع قبل أقل من شهرين من بطولة كأس العالم للأندية 2025، التي يشارك فيها الهلال، يونيو المقبل.
بالنسبة لمن يعرفون تاريخ المدرب البرتغالي، لم يكن هذا المشهد غريبًا، فلامنجو البرازيلي عاش السيناريو نفسه. في موسمه الأول معهم عام 2019، حقق إنجازًا تاريخيًا بالتتويج بكأس ليبرتادوريس والدوري في موسم واحد، لكن موسمه الثاني لم يكتمل بسبب خلافات مع الإدارة، فأنهى العلاقة سريعًا. مع بنفيكا، عاد بعد أعوام من المجد، ليجد نفسه وسط ضغوط لم يتحملها طويلًا، فغادر بعد موسم ونصف الموسم من النتائج المتذبذبة.
شخصيته القوية كانت دائمًا سيفًا ذو حدين. لاعبون وإداريون سابقون وصفوه بأنه «عنيد»، يتمسك برأيه مهما كانت العواقب.
أحد الصحافين البرتغاليين وصف جيسوس بأنه «يقف على الخط الرفيع بين الإصرار والعناد»، ما جعل علاقاته مع بعض الأندية متوترة، بمجرد أن تبدأ النتائج في التراجع. حتى في الهلال، ظهرت تقارير عن خلافات داخلية، وارتباك في قراراته الفنية قرب نهاية مشواره.
وبينما تتردد الأنباء عن اقترابه من تدريب المنتخب البرازيلي، يطرح السؤال نفسه من جديد، هل سيكرر جيسوس سيناريو النجاح السريع، ثم الرحيل المفاجئ؟ التاريخ يقول نعم. لكن مهما كانت الإجابة، يبقى شيء واحد ثابت، هو أن جيسوس سيد المواسم الأولى، المدرب الذي يحضر ليشعل كل شيء، لكنه لا يبقى طويلًا، ليُطفئ ما بدأه النجاح قادمًا معه دائمًا، ولكن الوقت محدود.